الأربعاء، 18 مايو 2011

أستاذ جامعي يقترح عقدا تضامنيا من أجل تطور ورقي ولاية صفاقس


أستاذ جامعي يقترح عقدا تضامنيا من أجل تطور ورقي ولاية صفاقس
الاربعاء 18 ماي 2011 17:00
موقع الصحفيين التونسيين بصفاقس



في هذا الظرف الدقيق الذي تعيشه بلادنا بعد انجاز ثورة الكرامة و ما تعنيه هذه الثورة من تحولات عميقة على المستوى السياسي و ما ستتبعه من مراجعة للاختيارات الاقتصادية و الاجتماعية و التنموية لابد أن نقف على الواقع المتردي الذي تتخبط فيه مدينة صفاقس منذ أكثر من ثلاثة عقود من تاريخها نتيجة اختيارات اقتصادية واجتماعية مرتبكة أملتها ظروف التنمية المتسرعة بعد الاستقلال و ما استوجبته من تركيز نسيج صناعي كثيف في غياب تام لتشريعات و قوانين تحمي البيئة في مرحلة أولى تلتها مراحل من عدم مبالاة و صمت السلط و غض نظرها على التجاوزات و المخالفات رغم وجود وزارة تعنى بالبيئة في البلاد . فكان لذلك انعكاسات خطيرة و مدمرة للوضع البيئي لمدينة صفاقس تمثل في تلوث الشواطئ و الهواء و تسمم التربة و تشويه المنظر الطبيعي و تدهور نوعية الحياة. و كان للأضرار التي لحقت الوسط البيئي تأثيرات مفزعة في البيئة البشرية أكدتها تقارير صحية وقع إخفاءها و منع نشرها (في غياب تام للشفافية في تعاطي السلطة مع مواطنين الجهة). قامت هذه التقارير شاهدا على تدهور السلامة الصحية، خاصة في المواقع الصناعية الآهلة بالسكان (في محيط معمل السياب)، حيث بلغت درجة التلوث مستويات عالية تفوق بمئات المرات المقاييس المسموح بها وطنيا و عالميا.


هذا علاوة على التهميش الممنهج الذي تعرضت إليه المدينة خلال مراحل الحكومات السابقة و الذي تجلت مظاهره في تردي البنية التحتية و حالة الطرقات و مشاكل النقل و اكتظاظ حركة المرور، تهميش دور الميناء التجاري و المطار، التباطؤ في انجاز الطريق السريعة، تفشي مظاهر الاستنزاف للموارد المائية و البحرية

إن العنصر البشري في مدينة صفاقس قد لعب عبر تاريخ المدينة دورا أساسيا في التنمية التي اعتمدت تقليديا على استغلال الموارد الفلاحية و البحرية و المبادلات التجارية داخليا و خارجيا و الحرف اليدوية و حديثا على الصناعات الاستهلاكية و بعض الصناعات الثقيلة ( الكيميائية و الميكانيكية) و الخدمات. إلا أن هذا النشاط الاقتصادي يواجه منذ سنوات، صعوبات البقاء و التجدد تبعا للسياسة الاقتصادية الهدامة للنظام السابق تجارة موازية، توريد غير مراقب للسلع

لذا، فإنه لابد من وضع تصور لمنوال تنمية مستديمة تسترجع به مدينة صفلقس مكانتها الطبيعية كمدينة رائدة في الحراك التنموي بالبلاد التونسية.وذلك بالتدارك الإداري لفجوة التنمية. و تشمل هذه الفجوة الوظائف الاقتصادية و الاجتماعية، و تتطلب خاصة:

 الارتقاء بنوعية الحياة، و جمالية العمران، و معالجة المصادر الرئيسية للتلوث بكل أصنافه و خاصة معامل الصناعات الكيميائية (لابد من الشروع في رسم برنامج لغلق معمل السياب و تحضير مشروع بديل يستجيب إلى شروط التنمية المستديمة لاحتضان عملة و كوادر هذه المؤسسة)،و إعادة تهيئة الشريط الساحلي الجنوبي للمدين

 تدعيم البنية الأساسية البرية و البحرية و الجوية لفتح المدينة على محيطها الإقليمي و العالمي،

 تدعيم جاذبية الجهة للاستثمار الداخلي و الخارجي في ميادين صناعية و تكنولوجية متطورة و نظيفة لخلق مواطن شغل إضافية،

 تعزيز التموقع الإقتصادي لولاية صفاقس على الصعيد الوطني و الإقليمي و العالمي و مايتطلبه ذلك من نظرة إستشرافية لمعالجة إشكاليات الماء و الطاقة و ذلك بتنمية الموارد المائية للري و التوجه نحو استغلال و تطوير الموارد الطبيعية للجهة في مجال الطاقات المتجددة
 تطوير البنية الأساسية و النقل الحديث (المترو الخفيف) مع التأكيد على أهمية النقل البحري كنشاط إستراتيجي

 التطور التكنولوجي، و الاتجاه نحو الصناعات و الخدمات و الأنشطة ذات القيمة المضافة العالية (اقتصاد المعرفة و تصدير الذكاء)، و تكريس دور الجامعة و مراكز البحث و القطب التكنولوجي نحو هذا الهدف الجوهري،

 العمران، و ظروف اندماج مدن و قرى الولاية في شبكات تكامل و تبادل، و وضع برنامج تنمية فلاحية مندمجة و تطوير قطاع الزياتين و اللوز باعتبار الزيادة المعتبرة للطلب العالمي لهذين المنتوجين- تدعيم السياحة الإستشفائية و تنويعها

 النهوض بالأنشطة السياحية بصفاقس و قرقنة، و إبراز آثار مدينة طينة، و إعادة الإعتبار العمراني و الوظيفي للمدينة العتيقة

 تنمية الحس الثقافي، و الذوق الجمالي للإرتقاء بالإبداع الفردي و الجماعي

إن التنمية المستديمة تتطلب عقد تضامن ورقي يجمع الجماعات المحلية و المنظمات الوطنية الممثلة لقوى الإنتاج و العمل و هياكل المجتمع المدني. كما تتطلب تأهيل العنصر البشري و الإداري، و دعم المجالس البلدية و الجهوية لقدرات التصور و التنفيذ، بما يضمن التصرف السليم في المشاريع و البرامج و الموارد، و بما يسهل استقطاب الاستثمارات، و جعل مدن و قرى مدينة صفاقس في مرتبة متميزة من حيث قدرتها التنافسية و جاذبيتها للعيش و النشاط.

إن مدينة صفاقس لا تستحق بأن يوصف مركزها ببلد الأوساخ، أو أن تبقى حياة سكانها وصحتهم مهددتين بمصادر تلوث مزمنة و خطيرة تتمثل في معمل "السياب" أو أن يواجه أبناءها الشباب انسداد الأفق، و إغراءات المتاهات الفردية الهجرة الغير شرعية، المخدرات

لذا فإن أهل صفاقس عاقدون العزم على رد الاعتبار لمدينتهم و التأسيس لمستقبل أفضل لأبنائهم و للأجيال التي ستأتي من بعدهم



كمال الحلواني - جامعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق